2015/03/12

ما وراء " داعش "

من المعلوم ان الحروب هي حالة استثنائية ، في تاريخ الانسانية ، وليست القاعدة . ان وراء دخان المدافع اسباب ومسببات ، فليست هناك حرب لأجل الحرب . من خلال هذا المدخل نناقش مسألة داعش .. تحاول داعش ان تظهر نفسها بأنها ممثلة للنقاء الايديولوجي " الديني " وبأساليب بلغت ما بلغت من التوحش " كللت " جبين البشر بالعار، وهنا الخدعة .. ينساق الكثير من النقد الى الحوار هل هي تمثل الاسلام ام لآ ؟ ويركز على وحشيتها وكأن الوحشية ملازمة فقط لداعش ، رغم ان التاريخ مليْ بالصراعات الوحشية ، اليست الحروب شكلا من اشكال " الوحشية " ؟ ! وهل المسألة تكمن في ان حقيقة الخلافات بين الجماعات اسبابها فكرية ام ان لها جذور اخرى يحاول الفكر ان يجد لها تبريراتها؟ من نافل القول ان هناك تلابسا يحصل واختلاطا بين الاسباب السياسية والاقتصادية وبين الايديولوجيا الى درجة يصعب الفصل بينهما وقد يقفز هذا العامل للتصدر على حساب العوامل الاخرى ، كون الانسان كائن مفكر ، وهو اختلافه الاساسي عن الحيوان فلم نسمع ان الكائنات المفترسة قد قدمت مبررا عقائديا لافتراسها للحيوانات الاخرى ، لكن نقد داعش من منظار عقائدي او سلوكي يجعلنا مبتعدين بأتجاه معاكس عن فهم الظاهرة وكيفية علاجها ، وسنظل نحارب طواحين الهواء.
ان ادانة داعش بأعتبارها طاعون بشري حتما هو جزء من الموقف الاخلاقي المطلوب ، ولكنه لا يتنافى مع الفهم التحليلي وهي ان داعش هي نتيجة تأزم وضع محدد وانسداد افقه ، اضافة الى استغلالها من القوى المهيمنة في المركز الرأسمالي والاقليم .
ان ما وراء دحر داحش عسكريا يتطلب مشروعا سياسيا يأخذ بالاعتبار نقض البنية التحتية لداعش وأمثالها والمتمثلة في تقسيم الشعب العراقي الى جماعات صهرية طائفية وقومية .. فليس من المعقول ان تقيم بنية سياسية تعمد الى تقسيم الشعب الى مكونات وتريد منها الا تتصارع وهي اساسا نتجت عن خلفيات الصراع التاريخي الطويل وشجونه

ليست هناك تعليقات: