2014/05/31

العجوز

ربما كانت تبلغ السبعين أو تكاد. لها عينان وديعتان تنحدر تحتهما أخاديد عديدة. ظهرها المحدودب يبدوا تقوسه حتى وهي جالسة. منذ أن فقدت ابنها الوحيد في واحدة من الحروب المجنونة وهي تجلس في هذا المكان مستعطية ما تجود به أيادي المحسنين لإطعام يتامى ابنها. لله يامحسنين.. على كيس علي.. ضاع صوتها الضعيف وسط أزيز طائرات اف16 فيما كانت همرات أمريكية تلتهم الطريق مثيرة الغبار. انتصبت المرأة العجوز واقفة كما نخلة وقد استعادت عيناها بريقهما وهي تحدق في الهمرات بغضب. ابتلع الطريق آخر همر. بصقت العجوز وتناولت عصاها لتسير باتجاه المزار الواقع في نهاية المدينة. انداح الشارع وهي تدب عليه مبتعدة لتبدوا كنقطة سوداء على إسفلت الشارع من بعيد.

2014/05/25

السفينة

ان يكون الربان ابلها ..
والبحر يحتضر من الم اعاصيره ..
اما السفينة او الربان الابله ..
لا خيارات في اللحظة الفاصلة ..

2014/05/24

فصة قصيرة / صباح ...


كان صباحا جميلا. الجو قد خلا من العواصف التربية التي ميزت مدينتنا منذ أن اجتاحت الهمرات بلادنا وخلخلت تربتها المتماسكة. ومنذ أن قطع الكثير منا أشجارها بذرائع مختلفة... لذلك فقد كان هذا اليوم مميزا. شوارع المدينة وأزقتها تعج بالحركة والحياة. جمعت كتبي على عجل و أنا متلهف ليوم جامعي جميل. كليتنا تقع على شارع رئيس فيه الكثير من المباني الحكومية المهمة. بعد أن انتهت إجراءات التفتيش الرتيبة تبادلت التحية مع الزميلات والزملاء... فجأة امتلاء الشارع بالعربات العسكرية والجنود. صوت الأحذية الثقيلة للجنود الأمريكان عكرت الجو الجامعي الهادئ. تلاشت الابتسامات حينما فوجئ الطلبة بكلب بوليسي ضخم يتقدم الجنود محدقا بريبة وبنظرات مهددة. انكفأ الطلبة في الزوايا الحادة للقاعات محاذرين من أية حركة قد تبدوا عدائية للكلب خوفا من لجوئه إلى عضة استباقية, ودعوا في سرهم أن تجتاح المدينة عواصف رملية حادة.

2014/05/15

العصفور والحرية

امس وقع عصفور صغير من عشه في باحة منزلنا ، ﻻ يستطيع الطيران وﻻ يستطيع اﻻعتماد على نفسه في اﻻكل مما احدث انذارا في البيت .. العائلة جميعها اهتمت بمحاولة انقاذه خوفا عليه من قط كان دائما يجد استراحته في هذه الباحة .. بعد التشاور في كيفية اطعامه توصلوا الى زرق الطعام والماء في منقاره بواسطة سرنجه تستعمل في زرق اﻻبر وايضا في محاولة تعليمه الطيران .. هذا العصفور اضاف لنا بهجة في رعايته الى جنب حفيدي الصغير بيسه .. متى تعتمد على نفسك يا عصفوري الصغير لتتخلص من قيود " اسرك " فانت ﻻ بديل لك اﻻ الحرية التي تعرفها بالغريزة حيث يجن جنونك عندما تسمع زقزقة العصافير في حديقة المنزل فتحاول بكل قواك الخروج من الشباك الذي يمنعك زجاجه من اﻻنغمار في عالم الحرية الجميل ؟ متى فانت ﻻ تطيق العبودية كما يطيقها الكثير من البشر ؟

2014/05/12

حرب / قصة قصيرة


كان سجن الوحدة العسكريةعبارة عن غرفة طينية ضيقة ، وان كانت طويلة نوعا ما ، لتتسع لعدد اكبر من الموقوفين . لقد كنا في حالة الحركات الفعلية ، كما يقال في المصطلح العسكري في حالة الحرب . نظرت من خﻻل الكوة الصغيرة الوحيدة لكي اهرب من نظرات زميلي الوحيد الذي يشاركني السجن ، الرجل البدين بلونه اﻻبيض المشرب بحمرة فائقة تشي بان دماء العالم قد تكدست فيه . ـ ابو ناجح يربع عكال .. كان هذا مطلع قصيدة ساخرة كتبتها لمﻻطفة ( ابو ناجح ) الذي ينحدر من مدينة جنوبية وادعة هي ( السماوة )يشيع فيها ارتداء العقال الصغير الذي كان يتباهى به دائما …
ـ ولبست اليشماغ وعليه الربع عكال وخرجت
تحدث كثيرا وبفخر عن اوﻻده التسعة وأمهاتهم اﻻثنتين .. كنا نقضي ايام السجن المملة بالحديث عن كثير من اﻻمور لتمضية الوقت . تحدث عنهم كثيرا وخصوصا عن ( اخر العنقود ) كما سمى ابنه اﻻخير ، واﻻشياء التي سيشتريها له عندما يخرج من السجن.. كثير من اﻷحﻻم والقرارات .. لن اهرب من الجيش مرة اخرى ،لقد حكم باﻻعدام وبقي فترة طويلة بانتظار تنفيذ الحكم حتى جاء قرار العفو عن الهاربين ، وارسلوا الى وحداتهم اﻻصلية .
ـ لقد اخذوا حمزة الى المحكة للنطق بأعفائه من الحكم ، لماذا لم يأخذوني معه ؟
يا رب ، مالذي اقوله له .. لم افهم حكمة من اصدر قرار العفو مستثنيا احكام اﻻعدام غير نزعته السادية لرؤية الدماء ! أيام وابلغوه باﻻستعداد لترحيله الى المحكمة ، لم يبلغوه انه سيعدم ، فالجميع يعرف ذلك اﻻ هو . لقد كانت اطول ليلة في حياتي واصعبها . كيف ستعيش مع رجل تعرف انه سيموت غدا فيما انت تحاول اقناعه بأنه سيعفى عنه ؟ ! كنت اتلعثم في اﻻجابة على اسئلته
ـ الله كريم .. مو حمزه اخذوه وعفو عنه …
ـ والله انا مو مرتاح .. اعتقد راح يعدموني ..
طلب مني ابراءه الذمة وانا في اشد الحاﻻت سوءا .. ـ شلقضيه خويه وحد الله
في الصباح جلس مبكرا ونشطا وطلب السماح له بان يغتسل .. لقد اكل في ذلك اليوم بشراهة ودعني وانا ارقبه بحزن وبألم وصورة الدماء تتدفق من فتحات الرصاص في جسده تشعرني بالغثيان . قال حارس السجن : انها الحرب يا صديقي … نعم انها الحرب .. تمتمت وانا احاول طرد صورة الدماء المتدفقة من جسد ( ابو ناجح ) بدون جدوى .

2014/05/03

العلة

ألعلة في اﻻقتصاد الريعي .. فما زال الحاكم ـ الرب مقسم اﻻرزاق والحياة والفرص يقابله القطيع الذي ينتظر هباته ومكارمه .. سر ازمتنا الكريهة على مر دهور .. دعونا من هذه الثرثرة الديمقراطية وصناديقها وخرافاتها ووجهوا نصالكم ضد هذا اﻻقتصاد الكريه الذي انتج وما زال ينتج اﻻلهة المقدسة باستمرار والعبيد الذين ينتظرون كسرة الخبز منهم ومراكز النفوذ الخارجية التي هي رب اﻻرباب التي تسير اﻻرباب الصغار .. علينا ان نكف عن كوننا المسامير التي تدور بدوران العجلة .. كفانا ان نكون حصان الناعور
العم هلكان

2014/05/01

حسبة ارقام

من بين عشرون مليون ناخب لم يصوت ثمانية مﻻيين .. اضف الى ذلك الناخبين الذين ابطلوا اوراقهم وهم كثر .. بحسبة بسيطة ما يقارب نصف الناخبين يرفضون الوضع جملة وتفصيﻻ ..فﻻ تسبوا الشعب حيث ﻻيمكن في مثل هذه الظروف المريعة ان نجد افضل مما كان
العم هلكان

حول الفتاوى

هذا التناقض في الفتاوى الدينية بين محرم لﻻنتخابات ومن اعتبرها فرض عين ومن حرم انتخاب شخص بعينه ، ومن دعا لشخص بعينه ، ومن وقف على قدم المساواة بين الناخبين ، يحتم اعادة النظر في هذه اﻻشكالية فلقد ثبت ان ما يحرك الناس هو مصالحهم وليس الفتاوى الدينية وان اختﻻف المواقف هذا يدل على انها ليست مواقف " مقدسة " ، فﻻ يجوز التناقض واﻻختﻻف في المقدس .. اي ان فكرة الهيمنة المطلقة للفتوى يعاندها الواقع .. وكذا السياسيون فهم عبيد المصلحة وما يحتمه الظرف .. السلطة بالنسبة لهم هي اﻻهم .. المشكل اننا لم نستخلص الحقائق من الوقائع وهذا احد اسرار مراوحتنا في مكاننا رغم اﻻوضاع السيئة التي تثور على اقل منها الشعوب ..