2014/03/30

غربة

 
التهمت عجﻻت المركبة المسرعة إسفلت الطريق ، وهو يستعيد ذكرياته ببطء ، وكأنه يتلذذ بها على مهل . كانت المسافات الخضراء الشاسعة تمتد على جانبي الطريق .. في هذه المنطقة ، بالذات ، تعبق رائحة العنبر .
ـ العنبر العراقي ، ﻻ نظير له ..
تذكر العنبر ( ابو الريحه ) الذي لم يفتقده مطبخهم يوما ، ورائحته التي تخترق الشبابيك إلى الشارع والبيوت المجاورة .. ـ لقد استنزفت التربة ، منذ الحصار إلى يومنا هذا ، كما إن المياه شحيحة بعد أن اسرها جيراننا .
رد السائق المتجهم على تساؤله عن تناقص المساحات الخضراء ، وذبول ما تبقى منها ، وتﻻشي رائحة العنبر .. عراق دون مساحات خضراء واسعة ، وبﻻ رائحة العنبر ﻻ اعرفه ، ردد ذلك بتبرم وأسى .
ـ يبدوا أنك قد غادرت منذ زمن بعيد ، قال السائق الشاب ، نحن هنا ﻻ نشم إلا رائحة النفط والدم .
الحديث المقتضب الذي دار بينهما قد فرض صمتا ثقيﻻ .. ابتدئت المساحات الخضراء تتﻻشى ، إلا من جزر صغيرة تحيط بالمدن والقصبات المزروعة على جنبات الطريق .
ابتدئت المسافات إلى مدينته الحبيبة تتقلص ، والمﻻمح الأليفة إلى ذاكرته تشي بقرب الوصول . تسارعت دقات قلبه كأنها تحاول اختصار الزمن الثقيل . ﻻح له مدخل المدينة ، الذي بدا له غريبا ، وقد انتابته مشاعر تشبه مشاعره عندما ألتقى حبيبته للمرة ألأولى ، فيما أبطأت عجﻻت المركبة أثناء استدارته لولوج المدخل .
ـ توقف ، من فضلك ..
قرر أعادة أكتشاف مدينته سيرا على الأقدام . كانت خطوته الأولى متمهلة ، كأنه يدخل إلى معبد مقدس ، .
أخذ يدقق النظر في الوجوه أمامه فلم يتعرف إلى أحد .. وجوه منمطة متشابهة والكل مسرع .. تذكر الوجوه المتمايزة والخطوات المتمهلة التي كانت تميز الناس : أين ألناس ؟ قال في سره .. لم يعرفني احد ولم اعرف أحدا . سوغ لنفسه ..
ـ أنها عقود طويلة من الغربة ويبدوا ان الكثيرين قد رحلوا ! الحروب المجنونة والموت المجاني قد ألتهم الكثيرين . وﻻ شك إن الكثيرين قد كبروا أو ولدوا بعد هجرتي .كان هذا الشارع احب الشوارع لديه ، فضائه المفتوح يلتحم بالفضاء الﻻمتناهي ، كثيرا ما أنتابه شعور أنها تسبح في الفضاء .
ـ كيف يمكن لروح ( حسن ) من أختراق هذه الفضاءات المحاصرة لو أنه غادرنا الآن ؟! كانت آخر ليلة شاهدناه فيها عندما اقتادوه لدائرة اﻷمن لنجد جثته في النهر بعد أيام . شعر باكتئاب شديد .. كل شيء غريب هنا وخانق .. سأذهب إلى دار السينما الوحيد لأرى فيلما قد يهدأ أعصابي .. كانت دار السينما تأخذ مساحة واسعة في قلب المدينة ، ودائما ما تراها مكتظة بالمتفرجين .
ـ من فضلك يا أخ ، ألم تكن هنا دار للسينما ؟!
ـ أي سينما يا أخي ؟ قال الرجل وهو ينظر إليه كما ينظر إلى كائن فضائي ، لقد تحولت إلى دكاكين ومخازن تجارية ومقرات .
سحق عقب سيكارته بغضب بقدمه ، ثم وضع أخرى بين شفتيه متجها ألى مراب النقل الخارجي ، مستقﻻ أول مركبة تغادر المدينة .

2014/03/28

ترشيح السيسي

اتابع النقاش الذي يدور حول ترشيح السيسي بأعتباره عودة الى انظمة " اﻻستبداد " القديمة .. وكأن انظمة " ديمقراطية الصندوق " هي القشة التي تنقذ الغريق .. سنوات قليلة مما انتجته دمقراطية الصندوق هذه من خراب وموت ﻻ يمكن مقارنته بما انتجته انظمة اﻻستبداد في قرن .. على اﻻقل كان هناك نوع من البناء ونوع من الدولة .. ان في نفسي شيئا من هذين المصطلحين الغير دقيقين .. مﻻحظة : السيسي مثاﻻ وليس هو الموضوع فﻻ نغرق في نقاشات جانبية ، كعادتنا السيئة هذه اﻻيام .. نحن نتحول الى مرحلة ﻻ تقل سوءا عن سابقتها ولكن لماذا يجبرونا على اﻻختيار بين الموت قهرا والموت صبرا ؟ لماذا ﻻيكون هناك طريق ثالث ؟ لقد وضعونا بين خيارين كﻻهما مر

2014/03/17

حلبجه

اردت ان اكتب عن حلبجة الشهيدة
توقف القلم
ﻻننا ، في كل يوم ، نرفع العلم
وندفن الشهيدة الجديدة !

2014/03/12

حسنين

كان حسنين ، طفل الحلةالشهيد ،
كعادته اليومية ..
كل صباح ..
ياخذ " كارتونة المصاصات " ليبيعها
ليشتري بثمنها لعبة ،وبعض الدنانيرﻻمه كي تشتري رغيف خبز ..
كان مبتسما عندما انفجرت، لعبة السفاحين بوجهه،
وكما سرق الواعظون ابتسامته ، لم تبق الشظايا منه شيئا
سوى " مصاصة هنا و" مصاصة هناك ..
فيما الفقمات ما زالت تلغط
" كفى لغطا ايتها الفقمات"
اصواتكم القبيحة قد اقلقت مصاصات حسنين
ولطخت نقاء روحه بقذارتها

2014/03/11

تأمﻻت بين اربع جدران



كليل متلفع بالسواد
في انتظار اكتمال القمر
انتظرتك
وعندما اغتسل الليل بالضوء ،
أنزوت روحي في ظﻻل عميقة
*
ذات ليلة
اقتاد روحي مﻻك ، لم أر له شبيها
حين شاهد عذاباتي
غاب كشهاب ، سطع لوهلة ،
وتركني وحيدا
*
ذات يوم ، قررت أحﻻمي أن تغادر
نحو بر يتشح بلون اخضر ،
امتدت امامها صحراء قاحلة
ولكن دون واحات
*
رؤى كثيرة ..
كوساطات عقيمة
لم تصالحني مع روحي المتمردة ..
أسئلة شتى
لم تجد
اﻷجابة بعد
ألنشوة
1984