2011/01/11

بطاقة شخصية

منذ أن عرفت هلكان وإنا متلهف إلى معرفة كنهه فرغم محاولاتي العديدة معه لم احظ منه بإجابة سوى ابتسامة ذات مغزى . شجعت نفسي وجمعت شتات عزيمتي لاتجرا واطلب منه أن يريني بطاقة الأحوال الشخصية . قال مداعبا: ما هذا ياولدي فهل تعينت في سلك الشرطة أو الجيش - حيث انه الباب الوحيد تقريبا لكسب الرزق عندكم - فكلما حدثت عندكم مصيبة فتحتم الباب على مصراعيه للتعيين فيه , واني لا أخشى أن يأتي يوم نستورد فيه شعبا ليقوم بإعمال المدنية, فكل شيء عندنا قد توقف , لا زراعة ولا صناعة ولا ... قاطعته انك تهرب من الإجابة الحقيقية على سؤالي كأغلب المسئولين عندنا فعندما تسألهم يجيبوك إجابات ( ما أداوي جرح ) . تعلل بأنه لم يستخرج البطاقة لأنها لا تعني شيئا فعراقيتي ليست ورقة . قلت ولا كنك قد تحتاجها عند الحواجز الإسمنتية سواء كانت عراقية أو متعددة الجنسية . أجابني : إن ما تقوله صحيح فنحن البلد الوحيد الذي لا تستطيع فيه إثبات هويتك إلا بسلة من الوثائق , وياريت إن تفعلوا ذلك في الاقتصاد , كما فعل عبد الكريم قاسم عندما فك ارتباط الدينار العراقي بالجنيه الإسترليني واستبدله بسلة من العملات الصعبة والمعادن الثمينة كغطاء للدينار وبذلك ساهم في تحرير اقتصاد البلد من التبعية و( تخلصونة من الأخضر إلي من يوم ماشفناه ما شفنة خير ).. مازلت تهرب من الإجابة ياعم ولكني أصر على رؤية بطاقتك . تعلل هذه المرة بكرهه للرشوة والفساد المالي والإداري حيث إن دوائرنا ( ما تمشي المعاملات إلا بعد أن تدهن السير والمشكلة أنها لا تقبل التوريق إلا بالأخضر وأنت تعرف انه ليس لي علاقة ود مع الأخضر وأصحابه ) كما إنني ملتزم بنصيحة جدتي الحكيمة التي نصحتني ( بمراجعة عزرايين ولا أراجع دائرة حكومية منحيث عزرايين يطلع روحك بسرعة والدايرة مال الحكومة اطلع روحك بالإقساط ) قطعني العم هلكان وأدركت إن هناك سر ما وغرض لم افقهه وراء امتناعه عن الإجابة فأنهيت تساؤلي .

كنت استذكر حواري معه وفضولي يشتد لمعرفة شيء حرص على إخفائه عني وراء بردة من حصران لم أر مثلها في حياتي, نقوشها توحي بالإبداع والقدم. تجرأت وأزحت حصيرة منها فوجدت العديد من الألواح الطينية المليئة بالكتابات المسمارية فأصابتني الدهشة والذهول فقد كانت هذه مكتبة العم هلكان . لفت انتباهي لوح طيني صغير يشع نظارة وجدة رغم قدمه معنون ( بطاقة الأحوال الشخصية ) مختومة بختم أتونا بشتم وقد دون فيه

" الحكيم هلكان بن تعبان العريان العراقي . الضارب في القدم والمستشرف للمستقبل ومالكه . روح أتونا بشتم وحكمته . حبيب گلگامش ومانح القوة لانكيدو . زوج عشتار الجميلة . المهنة صانع حضارة سومر وما بعدها من الحضارات العلامات الفارقة انه

سندباد انه شفت كل العصور

سندباد انه عبرت كل البحور

شفت أصل الظلم واحد

كرسي وأموال وقصور "

أسدلت الحصيرة على عجل بعد أن سمعت وقع خطوات تقترب من ديوان العم هلكان وأنا فريسة لمشاعر مختلفة مابين الحرج لتطفلي على سره بدون إذن , وبين الزهو والاحترام وانأ في حضرة التاريخ . دخل هلكان إلى الديوان وحياني وابتسامة ماكرة تعلو شفتيه . قلت في سري لقد كشفني . طلب مني الجلوس بعد ان ألقى من بين يديه حزمة من الحطب في الموقد وأوقد فيها النار وقد اختلط دخان لفافته بدخان الحطب واضعا قوري الشاي على الموقد . قال : لا عليك ياولدي فإذا كان الأجنبي ( وبطران ) قد عرفا سري فالأولى بأولادي أن يعرفوه . تمهل حتى ( تهدر الشاي ) فصب لنا قدحين من الشاي وقال : لقد وردني توا من وكالة أنباء سومر ان جدتكم الفلاحة السومرية تقول لكم وهي تعض على أصابعها (وسفة عليكم ياولادي ألف وسفة ولكم ما شبعتوا من الدم , ماتنكسر كلوبكم والأطفال مجطلة والنسوان املخة ولكم ذبيت شيلتي من علة راسي وما راح البسها إلى أن تصلحون أرواحكم ) أكمل هلكان وان لم تفعل فبؤوا بعار كشف سترها .. ولعنة الأجيال والتاريخ .

انحدرت دمعة على خد هلكان حاول إخفائها بسرعة . وهنا سكت هلكان عن الكلام المباح إلى أن يدرك الشعب العراقي وفقرائه نور الصباح .

ليست هناك تعليقات: