2010/10/26

مشاهد من الزمن الجديد -3-



ذو الشهادتين
قد يتبادر إلى ذهن المولعين بالتاريخ إن هذا العنوان ينتمي إلى فترات زمنية من الماضي السحيق كالطاعن بالرمحين والضارب بالسيفين وما إلى ذلك . غير أن هذا ينطبق على واحد من مئات الآلاف من الخريجين , سواء الذين فاتهم القطار أو الذين سيفوتهم , فعجلات قطار حملات الأعمار تسحق دائما ذوي الشهادات عدى ذوي القربى , بشفافية ديمقراطية , لتستبدلهم بأصحاب الكفاءات العائلية أو العشائرية أو الحزبية وما شابه ذلك من علاقات ‘‘ صلة الرحم ’’ حتى ولو كانوا من الأميين أو أنصاف الأميين ومزوري الشهادات . قصة صاحبنا هذا أنه يحمل شهادتين مطلوبتين في حملات الأعمار بشدة . وقد غمر صاحبنا الفرح بكثرة مشاريع الأعمار وطلب أحد المسئولين لإخوتنا في مصر لتجهيز مليون عامل ( سبير ) لسد النقص في العمالة فأخذ يتدلل على المسئولين ويتدلع عليهم ولكنه لم يرى احد منهم يطرق بابه . عزى ذلك إلى انشغالهم , كان الله في عونهم , بحملات الأعمار الانفجارية والرحلات المكوكية , حتى أنهم لم يجدوا مجال لحلاقة لحاهم التي طالت وتشعثت . فعذرهم وقال في سره , كافي دلع . دخل إلى إحدى الدوائر بشفافية وقال : أني حاصل على شهادتين أعماريتين وارغب في العمل . فأجاب الموظف : راجعنا كل عشرة أيام . ومنذ ذلك اليوم وصاحبنا يلف على الدوائر وهو يغني ( ماكو عقد لا تعيين ) وهي من الطور الملائي وهو من أطوار الغناء . إما سبب تلقيبه بذي الشهادتين لكثرة تكرارها عند مراجعة الدوائر . علق احد الظرفاء : لا فرق في صلة الرحم بين النظام الدكتاتوري والنظام الديمقراطي .
تحت موس الحلاق
من المتعارف عليه إن الحلاق متهم بكثرة الكلام أو الثرثرة , إلا إن الوضع قد تغير , حيث إن الحلاق هو الصامت الآن بينما يثرثر الزبائن . وقد حلل ذلك التغير احد المحللين المختصين بعلم الثرثرة بأن العراقيين قد أصبحوا كثيرو الكلام بعد أن ابتلعوا ألسنتهم طيلة حكم جمهورية الخوف وعزى طبيب نفساني ذلك إلى الانتقال الحاد والمفاجئ من حالة الصمت الدكتاتوري إلى حالة الثرثرة الديمقراطية . كنت أنصت إلى الجدال المحتدم بين الجالسين عن سوء الأوضاع الخدمية والبطالة وهيمنة الفساد المالي والإداري والمحسوبية والمنسوبية . ثار احد الجالسين على الحضور وألقى خطبة عصماء عن فضائل الديمقراطية واتهم الحاضرين بتأييد الدكتاتورية لانتقادهم الحكومة . قال بحماس إن الشركات الأجنبية ستصل قريبا بعد إصلاح ( البناﭽر ) في عجلات قطار العولمة حيث ستمطر علينا سماءها ملايين فرص العمل والدولارات . سكت القوم بانتظار ( غودو ) علق احد الظرفاء : هل يعقل أن يتم بناء أمة في ظل هكذا مقاييس ؟!

ليست هناك تعليقات: