2010/12/12

احتجاج حكماء الجان

المقامة السومرية الثالثة
بينما كان أعضاء المقامة السومرية منشغلين بتصفح ملفاتهم التي تتناول شجون وهموم مواطني بلاد الرافدين التي ليس لها أول ولا آخر . وما تفعله بهم الدول الصديقة والشقيقة ، وكذلك كتلهم البنفسجية الرقيقة المختلفة الأنواع والألوان ، والمتماثلة في الأفعال والبنيان بغية طرحها على السادة أعضاء البرلمان ، حتى دخل عليهم الحكيم هلكان معلنا افتتاح الجلسة ، مبلغا عن وصول بيان خطير إلى البريد الالكتروني للمقامة السومرية وقد أرسله حكماء الجان طالبين فيه الإذاعة والبيان بكل شفافية وديمقراطية توافقية ، وهذا نصه بالتمام والكمال .
احتجاج حكماء الجان على افتراءات بني الإنسان
السادة أعضاء المقامة السومرية المحترمون
تحية طبية وبعد
منذ تواجدنا مع الإنسان على هذا الكوكب وانتم تتهموننا بشتى التهم ، وتقذفونا بأقذر النعوت فلم تحدث مصيبة لكم إلا ونسبتم أسبابها إلينا حتى أصبحنا بكل موبقة ندان ، ونسب إلينا كلما تقشعر له الأبدان على مر العصور والأزمان . ونظرا لهذا الظلم التاريخي الفادح منذ آلاف السنين فقد تنادى أبناء شعبنا بكل مكوناته وفيدرالياته من أرضية وطيارة ، وراكبة وسيارة . وقد رفعوا التماساتهم إلى اللجنة الفدرالية لحكماء الجان لعرض هذه المظلومية على مجلسكم الموقر لإحقاق الحق وإزالة الغشاوة عن العيون . ونحن أيها السادة قد درسنا هذه الالتماسات ، وقررنا استنادا إلى الحق الديمقراطي في الدفاع عن مكوننا وحقوق من انتخبونا بتقديم دفوعاتنا أدناه لجلستكم الموقرة للبت فيها وفقا للدستور والتي تتلخص بما يلي :-
أولا:- نحن مخلوقات ضعيفة مخلوقة من نار ، فبعض من الماء يطفئنا وكثير من الريح يشتتنا . وقد قال عنا عز من قائل (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) نهرب ونرتجف عندما نسمع الأذان . ونلتجئ إلى الفيافي والوديان . ولم يسمح لنا ، جلة قدرته ، في التأثير على عباده المخلصين، مبينا استحالة ذلك علينا . فما ذنبنا إذا ما كان المخلصون عندكم لا يتعدون عدد الأصابع أو يزيدون قليلا في كل زمان ومكان ؟ وإذا ما أراد الله أن يهلككم وتذهب ريحكم أمر مترفيكم ، أصليون أم محدثون ، أن يفسدوا فأفسدوا وحق عليهم القول فأخذهم اخذ عزيز مقتدر . فمترفوكم هم أساس البلاء على مر الدهور ، والغنى الفاحش والسلطان المتسلط أساس الطغيان والجور . فكم اسألوا الدماء وبخسوا الناس اشياءهم تحت كثير من الأعذار والشعارات . وعندما يتحول مثقفوكم إلى فقهاء السلطان وفقرائكم إلى مصفقين ومداهنين للباطل ومبررين عندها تزداد أحوالكم سوءا فيفترس بعضكم بعضا ، والشيء الوحيد الذي تتفقون عليه تحميلنا مسؤولية ما يجري بقولكم الله يلعن الشيطان .
لقد تناسيتم (إن كل نفس بما كسبت رهينة) فالعلة فيكم لا فينا . لقد تناسيتم إن العدل أساس الملك وهي حكمة تعلقونها وراء ظهوركم ولكنكم جعلتم مصالحكم وأهدافكم مقياسا للعدل بلا عدل ونسيتم إن الله قد كرم بني ادم على العالمين بآدميتهم بدون تخصيص للجماعة الفلانية أو العلانية فالناس سواسية في الحقوق .
ثانيا:- نحن بني الجان بكل أجيالنا ، من نفق منا ومن نفذ ، لا نملك شيئا من الأسلحة سوى محاولة الغواية والوسوسة ، وهي كما لا يخفى على حكمتكم أسلحة الضعيف الذي يفتقد الاقتدار ، وكما يقول مثلكم (التمني رأس مال المفلسين) فهي أسلحة تافهة لا مفعول لها ولا تأثير إلا إذا صادفت في نفوسكم حاجة ورغبة . فنحن كالمنشطات لرغباتكم الدنيئة ، فنسوغ ونحسن لكم نوازعكم بتوسل ودناءة ، فما ذنبنا إن كنتم تستسلمون لهذه الدناءة وتكتفون بعدها بلعننا ؟ وهل من العقل والمنطق لوم الحمار على غبائه وعناده وترك لوم من يمشي وراء الحمار ؟
ثالثا:- نحن غذائنا الروث والعظام . ومسكننا مكان النجاسات والفلوات والآجام . فما حاجتنا إلى كراسي الحكم والسيطرة على السلطات ؟ وما فائدتنا من الأموال والقصور الفارهات ؟ وما الذي نفعله بالوجاهات المزيفات ؟ لذا لم تحدث الهوائل والفواجع والحروب بين فدرالياتنا ومكوناتنا وكتلنا . لقد كنا وما زلنا نعيش في سلام ووئام وانسجام لافتقادنا إلى أسس المصائب والبلاء الثلاث التي ذكرناها . فاتقوا الله فينا ولا ترموا (بلاويكم) علينا .
بهذه الدفوعات قد أفحمناكم وقطعناكم . والآن وقد بلغ السيل الزبى ووصلت أرواحنا إلى الحلقوم بسبب بهتانكم لنا مما اضطرنا إلى كشف المستور . وأعلنا استسلامنا وتخلينا عن حقنا القديم في إغوائكم بعد أن وجدنا إن وسائلكم المتطورة قد اكتسحت وسائلنا البدائية وطلبنا من امتنا التعلم منكم فنون الوسوسة والغواية التدليس . و استنادا إلى اعترافنا هذا ، ولنؤسس معكم سلام الشجعان ، فإننا نطالبكم برفع الحيف عنا بوثائق مدونة ومعلنة ، وكذلك بحماية سمعتنا وامتنا من مؤامرة جديدة خطيرة قد تؤجج الصراع بيننا إلى يوم يبعثون ، فقد وصل إلينا من مصادر موثوقة طلبت عدم الكشف عنها – وهو حق ديمقراطي يكفله الدستور – إن جميع اللجان التحقيقية التي شكلت في بلادكم منذ ثمانية أعوام وإلى الآن ، قد اتفقت على تقديم تقاريرها النهائية بتحميلنا مسؤولية ووزر ما جرى ويجري من جرائم و(بلاوي) ، فيما إن براءتنا واضحة كبراءة الذئب من دم يوسف فلم يجدوا أحدا غيرنا ينسبون إليه هذه الأحداث بعد أن سكتوا كل هذا الزمن الثقيل عن البوح بالمحظور والمستور .
وتقبلوا احتراماتنا . انتهى البيان
بعد دراسة الموضوع من قبل جلسة المقامة السومرية الثالثة تقرر إحالته إلى مجلس النواب الجديد الذي قرر تحويله ، بدوره ، إلى لجنة للبت فيه وستذيع اللجنة النتائج التي ستتوصل إليها بعد عمر طويل عندما تجد شماعة أخرى غير بني الجان لتنسب إليها ما سيحدث وما حدث وكان ، ولكم الله أيتها الرعية من ثكلى ويتامى وأرامل وأصحاء وعرجان .

ليست هناك تعليقات: