لا يمكن إطلاق أحكام معممة على التاريخ , ولكن ظاهرة القمع والانقماع قد وجدت منذ قرون وترسخت واستمرت إلى يومنا هذا - ويبدوا للمتدبر إنها ستستمر ما لم يفاجئنا التاريخ - مشيرة إلى أن هناك أسباب معممة تخرج أحيانا عن منطق الأشياء فتضطرنا إلى دراسة لامنطقها. استمرار الفعل والعقل القامع والانقماعي في مجتمعاتنا وتمفصله في كل خلية من خلايا حيواتنا يخرج عن منطق التاريخ وعلوم الإنسان الأخرى وهي أدواتنا في تحليل الظواهر والجواهر وفهمها .
توقف عن الكلام ريثما ملأ أقداح الشاي وقدم لي لفافة تبغ آخذا واحدة لنفسه ومازحني قائلا: لا فائدة من الشاي بدون سيكارة وبالعكس فهنالك علاقة جدلية تربط بينهما ... أدركت من خلال مزاحه المتفلسف انه يهيئني لموضوعة فيها شيء من الفلسفة فأخذت على نفسي أن اتركه يسترسل غير إنني لم استطع إخفاء نظراتي المتسائلة والمستفهمة اعتمادا على أن العم هلكان من الذين ( يلكفونهة وهية طايرة ) كما يقول المثل الشعبي.
ابتسم ابتسامة خفيفة واستطرد موضحا لست ممن يعتقدون بالتفسير الواحدي ولا بانعزال المناطيق بعضها عن بعض , بل بتفاعلها تفاعلا جدليا في إنتاجها للتشكيلات الاجتماعية - الاقتصادية ووسمها بميسمها . ليس المقصود بذلك تساوي المناطيق في تأثيرها فمازال قانون البنية التحتية يلعب دورا رئيسيا في تحليل وفهم البنى الفوقية ولكن ليس بالفهم المسطح السائد فالمناطيق الأخرى لها استقلاليتها النسبية , ودينامياتها المؤثرة والمتأثرة في صياغة الأحداث . وقد يبرز تأثير واحد من هذه المناطيق أو أكثر ليكون له التأثير الأهم , وعلى العموم فأن ذلك يرجع إلى مجمل النشاط الإنساني والسايكولوجيا الجمعية المكونة لجماعة بشرية معينة , خصوصا إذا كانت موغلة في القدم , أو متطرفة في الاعتزاز بذاتها . وقد يصل الأمر إلى ‘‘ثبات’’ بعض القيم وعومها في بحور الأزمنة اللاحقة لزمانها وان حصلت متغيرات في البنية التحتية وبذلك تشكل كابحا لإنتاج قيم تتطلبها هذه المتغيرات .
تضاحكت مخاطبا العم هلكان ( هاي ينراد الهة استكان جاي وجكارة ) فبدلا من أن توضح قد أزدتني غموضا . صب لي قدحا من الشاي وقدم لي لفافة تبغ وقال ( لا تستعجل على رزقك) . وأضاف .. لقد وجدت من خلال معاصرتي للأزمنة المختلفة إن الأشياء تتغير , وان الشيء الدائم هو ( إن دوام الحال من المحال ) ولكنني قد وجدت القمع والانقماع شيء ‘‘دائم’’ عندنا وهذا مخالف لطبيعة الأشياء , حيث أن طبيعتها التغير والتحول حيث تحمل جرثومة فنائها في ذاتها , فما بال القمع والانقماع عندنا قد شذ عن منطق الأشياء ؟ صمت قليلا ثم أضاف :
القمع صفة رذيلة وفي معانيه صرفك عما تريد فعلا وفكرا وقولا وفي نتائجه قهرك وإذلالك وردك حيث يأخذ منك ألانت ويجعلك ألهو . يستلبك ذاتك ويلغيك وفي ذاته يحتويك , فأنت شبح لذاته . ينتج عن ذلك النمطية والتنميط والظلال الباهتة للواحد وبذلك يحل العلاقة مع الآخر بإلغاءه . ينتج هذا الإلغاء الاستبداد وينتج الاستبداد طرفي علاقة لا وسط بينهما , الطرف القامع والطرف المقموع فيكون الثاني نسخة من الأول . تولد هذه العلاقة الشاذة الانقماع أي مطاوعة القمع وتبريره من المنقمع وبذلك يكون المنقمع مازوشيا والقامع ساديا فيتشرب القمع والانقماع في كامل النسيج الاجتماعي والذاتي الفرداني ليصل إلى قمع الجسد والعقل ويتحكم بهما ويشوههما منتجا سيكولوجيا سادية أو مازوشيا أو باجتماع الاثنين في الجسد والعقل الواحد, فيكون النظام العام والخاص شموليا وتدخليا يرسم للذوات مساراتها ( فالعثة تفقس ما بين الإنسان وثوب النوم وزوجته وتقرر صنف المولود ) ملغية بذلك عبقرية الطفولة الواعية بكل براءتها ومغامراتها المحكومة بالتساؤل الدائم والكشف والاستكشاف فالإنسان يولد على الفطرة ولكن ؟!
القمع حقيقة عارية والانقماع حقيقة ملتبسة ومهما اختلفت مناطيقها فان لامنطقها واحد وهو البربرية المتوحشة , فهي السلطة أولا وهي قدس الأقداس وترنيمة السلطوي في السياسة وفي الفكر وفي الجماعة ابتداء وانتهاء بالذات القامعة .
مجتمعات القمع تنتج الشخصية الازدواجية فتوحد النقائض في الذات الواحدة . تخلق شخصيات منافقة وواهنة , عديمة المبادرة , تابعة مطيعة ذليلة , ومتمردة أنانية شرسة وفي ذات الوقت مستهينة بذاتها , إنها مرض جمعي . قلت له : لم هذا الثبات للقمع والانقماع على عكس منطق التاريخ ؟ أجاب : ابحث في نمط الإنتاج الراكد والدوائر المغلقة للكثير من الأشياء وقد يكون الأوان قد آن لمثقفيكم وباحثيكم أن يكدوا الفكر ويكدحوا العقل للبحث في آليات اشتغال اللامنطق أي بمعنى تجاوز المناطيق العديدة السائدة فهي صائتة صامتة قد فقدت منطقها ولم يبقى منها سوى الصراخ .
أثارت أفكاره عندي تساؤلات مهمة وجوهرية وددت طرحها عليه غير انه سكت عن الكلام المباح إلى أن يدرك الشعب العراقي وفقرائه نور الصباح .
2010/12/12
الطنطل وتحولاته
في " الطنطل لوجيا "
كثيرا ما حدثتنا عجائزنا عن الطنطل عندما كنا صغارا . وما زلت أتذكر الرغبة والخوف اللذان ينتاباني عندما أكون وحيدا ، أو في مكان مظلم ، من خطر بروز هذه الشخصية الأسطورية أمامي فجأة . لا أعرف
لماذا أستحظرت ذاكرتي ، من بين ذكريات الطفولة ، هذه الشخصية المرعبة وتوجسي منها والشعور الغامض الذي سيطر على تفكيري أن " للطنطل " علاقة ما بالأحداث الغامضة التي مرت وتمر بنا . حملت توجسي إلى العم هلكان بن تعبان العريان , علني أجد في حكمته ما ينير لي هذا الغموض , وما يوضح لي كنه هذا الطنطل العجيب الغريب .
أبتسم العم هلكان من علامات الاستفهام والتعجب المرتسمة على وجهي . عمد إلى لفافة التبغ. أصلحها ببطء وهو يسترق النظر إلي ليرى ازدياد لهفتي ورغبتي لسماعه , بعد أن أخذ نفس عميقا , قال : أعلم يا بن أخي أن ما تسالمت عليه عجائزنا , في شأن الطنطل , أنه طويل القامة . عيناه مشقوقتان بالطول . رجلاه خشنتان كرجلي القرد . له القابلية على التحول إلى أشكال مختلفة . يخاف من النور فلا يظهر إلا في الظلام ويختفي عند بزوغ الشمس . لا يظهر في الأماكن المزدحمة ويختار الأماكن المنعزلة . نقطة ضعفه سماعه كلمتا ( مخيط وخيط ) فيرتعب لسماعهما فيهرب .
توقف هلكان العريان قليلا عن الكلام . أخذ نفسا من لفافته . قال : سأروي لك حكاية شائعة عن الطنطل , لم تضعفها عجائزنا , بل اعتمدتها وقد تكون المدخل لمعرفة أحوال وأهوال الطنطل , وبداية لتأسيس علم جديد بعنوان ( الطنطل لوجيا ) لما للسلوك الطنطلي من دور كبير في كشف خبايا وغوامض الأحداث التاريخية , والصراعات السياسية والاجتماعية , والفلكلورلوجيا . وأليك الحكاية :
أن الطنطل يتواجد في الأماكن البعيدة عن العمران . يترصد من يجده منقطعا ليظهر له بصورة رجل مسن . ضعيف الصوت . محدودب الظهر . يتوسل إلى الرجل المنقطع لإغاثته وعدم تركه لمصيره , فما أن يتمكن من اعتلاء كتفيه حتى يتحول إلى صورته الحقيقة , لافا ساقيه على رقبة المنقطع, خابطا به خبط عشواء إلى أن يستنزف قواه . و أذا ما تمرد الرجل عليه لف ساقيه حول عنقه حد الاختناق . وبذلك يجبره على أطاعة أوامره .
أستطرد العم هلكان : ولو انتزعنا من أمهات الكتب أحشائها , منقبين ومحللين , نجد أن الطنطل يظهر بأشكال متعددة , وبأسماء متنوعة . فقد نسب إلى الجن مقتل سعد بن عبادة الغامض بقولها
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة
رميناه بسهم فلم يخط فـــؤاده
وقد نسب إلى أبن سبأ تأليب الجموع بعضها على بعض , وافتعال الحوادث التي أججت الصراع وجعلت الناس يقتل بعضهم بعضا , دون أن يبن لنا التاريخ كيف استطاعت شخصية نكرة أن تقوم بكل هذه المعجزات , بعد أن ظهرت بغتة على مسرح الأحداث . التحول الأخر هو السم المداف بالعسل الذي فتك بأكثر المعارضين خطورة حتى قيل " أن لله جنودا من عسل " .
ولو رجعنا إلى العهد السابق , فسوف نجد بعض الإحداث والشخصيات الطنطلية , كشخصية أبوطبر الذي أرعب العراق من أدناه إلى أقصاه , أو التحول على شكل " فنجان قهوة " أو " كأس عصير " يضيف بهما المستدعى إلى دوائر الأمن أو الدولة , ليموت بعدها خلال أيام موتا غامضا . صمت العم هلكان . بدا على ملامحه الوجوم بعد هنيهة أستطرد قائلا:
أعلم يبن أخي أني بحثت كثيرا , فيما وصل إلي من مدون أو شفاهي , عن سر الطنطل وحقيقته , فلم أجد مثلما نراه اليوم في هذا الزمن المعولم من غزارة وتنوع الشخصيات والإحداث الطنطلية وتخادمها وتناغمها ضمن قانون ( الوحدة والتناقض ) ويمكن لنا تسميتها اصطلاحا (طناطل العولمة ) .
أن الاستنتاج الذي يمكن الخلوص إليه أن الشخصية أو الحدث الطنطلي , هو الشكل الزائف للإحداث الذي يحجب الإغراض والأهداف الحقيقة عن العين فيختفي بانجازها وفق قانون ( مخيط وخيط ) , لتصبح في خبر كان . وكما قال الشاعر:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
أن الطنطل سيظل على مسرح الإحداث مادام هناك كرسي حكم وحاكم ومحكوم وثروات مع انعدام التكافؤ والمساواة بين الناس . تساءلت : ولكنك لم توضح لي ماهية طناطل العولمة . أجاب بعد هنيهة . أعترف لك يا ولدي بقصوري عن فهم العصر الالكتروني المعقد , ولكنني أحيلك إلى البريد الالكتروني التالي , عله يشفي غليلك , ويوضح لك ما استعصى على أدركك . وهو
g.w.al-aben@nahbenko.com
أجاركم الله .
إلى هنا سكت هلكان عن الكلام المباح , إلى أن يدرك الشعب العراقي وفقرائه نور الصباح .
13\12\2007
كثيرا ما حدثتنا عجائزنا عن الطنطل عندما كنا صغارا . وما زلت أتذكر الرغبة والخوف اللذان ينتاباني عندما أكون وحيدا ، أو في مكان مظلم ، من خطر بروز هذه الشخصية الأسطورية أمامي فجأة . لا أعرف
لماذا أستحظرت ذاكرتي ، من بين ذكريات الطفولة ، هذه الشخصية المرعبة وتوجسي منها والشعور الغامض الذي سيطر على تفكيري أن " للطنطل " علاقة ما بالأحداث الغامضة التي مرت وتمر بنا . حملت توجسي إلى العم هلكان بن تعبان العريان , علني أجد في حكمته ما ينير لي هذا الغموض , وما يوضح لي كنه هذا الطنطل العجيب الغريب .
أبتسم العم هلكان من علامات الاستفهام والتعجب المرتسمة على وجهي . عمد إلى لفافة التبغ. أصلحها ببطء وهو يسترق النظر إلي ليرى ازدياد لهفتي ورغبتي لسماعه , بعد أن أخذ نفس عميقا , قال : أعلم يا بن أخي أن ما تسالمت عليه عجائزنا , في شأن الطنطل , أنه طويل القامة . عيناه مشقوقتان بالطول . رجلاه خشنتان كرجلي القرد . له القابلية على التحول إلى أشكال مختلفة . يخاف من النور فلا يظهر إلا في الظلام ويختفي عند بزوغ الشمس . لا يظهر في الأماكن المزدحمة ويختار الأماكن المنعزلة . نقطة ضعفه سماعه كلمتا ( مخيط وخيط ) فيرتعب لسماعهما فيهرب .
توقف هلكان العريان قليلا عن الكلام . أخذ نفسا من لفافته . قال : سأروي لك حكاية شائعة عن الطنطل , لم تضعفها عجائزنا , بل اعتمدتها وقد تكون المدخل لمعرفة أحوال وأهوال الطنطل , وبداية لتأسيس علم جديد بعنوان ( الطنطل لوجيا ) لما للسلوك الطنطلي من دور كبير في كشف خبايا وغوامض الأحداث التاريخية , والصراعات السياسية والاجتماعية , والفلكلورلوجيا . وأليك الحكاية :
أن الطنطل يتواجد في الأماكن البعيدة عن العمران . يترصد من يجده منقطعا ليظهر له بصورة رجل مسن . ضعيف الصوت . محدودب الظهر . يتوسل إلى الرجل المنقطع لإغاثته وعدم تركه لمصيره , فما أن يتمكن من اعتلاء كتفيه حتى يتحول إلى صورته الحقيقة , لافا ساقيه على رقبة المنقطع, خابطا به خبط عشواء إلى أن يستنزف قواه . و أذا ما تمرد الرجل عليه لف ساقيه حول عنقه حد الاختناق . وبذلك يجبره على أطاعة أوامره .
أستطرد العم هلكان : ولو انتزعنا من أمهات الكتب أحشائها , منقبين ومحللين , نجد أن الطنطل يظهر بأشكال متعددة , وبأسماء متنوعة . فقد نسب إلى الجن مقتل سعد بن عبادة الغامض بقولها
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة
رميناه بسهم فلم يخط فـــؤاده
وقد نسب إلى أبن سبأ تأليب الجموع بعضها على بعض , وافتعال الحوادث التي أججت الصراع وجعلت الناس يقتل بعضهم بعضا , دون أن يبن لنا التاريخ كيف استطاعت شخصية نكرة أن تقوم بكل هذه المعجزات , بعد أن ظهرت بغتة على مسرح الأحداث . التحول الأخر هو السم المداف بالعسل الذي فتك بأكثر المعارضين خطورة حتى قيل " أن لله جنودا من عسل " .
ولو رجعنا إلى العهد السابق , فسوف نجد بعض الإحداث والشخصيات الطنطلية , كشخصية أبوطبر الذي أرعب العراق من أدناه إلى أقصاه , أو التحول على شكل " فنجان قهوة " أو " كأس عصير " يضيف بهما المستدعى إلى دوائر الأمن أو الدولة , ليموت بعدها خلال أيام موتا غامضا . صمت العم هلكان . بدا على ملامحه الوجوم بعد هنيهة أستطرد قائلا:
أعلم يبن أخي أني بحثت كثيرا , فيما وصل إلي من مدون أو شفاهي , عن سر الطنطل وحقيقته , فلم أجد مثلما نراه اليوم في هذا الزمن المعولم من غزارة وتنوع الشخصيات والإحداث الطنطلية وتخادمها وتناغمها ضمن قانون ( الوحدة والتناقض ) ويمكن لنا تسميتها اصطلاحا (طناطل العولمة ) .
أن الاستنتاج الذي يمكن الخلوص إليه أن الشخصية أو الحدث الطنطلي , هو الشكل الزائف للإحداث الذي يحجب الإغراض والأهداف الحقيقة عن العين فيختفي بانجازها وفق قانون ( مخيط وخيط ) , لتصبح في خبر كان . وكما قال الشاعر:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
أن الطنطل سيظل على مسرح الإحداث مادام هناك كرسي حكم وحاكم ومحكوم وثروات مع انعدام التكافؤ والمساواة بين الناس . تساءلت : ولكنك لم توضح لي ماهية طناطل العولمة . أجاب بعد هنيهة . أعترف لك يا ولدي بقصوري عن فهم العصر الالكتروني المعقد , ولكنني أحيلك إلى البريد الالكتروني التالي , عله يشفي غليلك , ويوضح لك ما استعصى على أدركك . وهو
g.w.al-aben@nahbenko.com
أجاركم الله .
إلى هنا سكت هلكان عن الكلام المباح , إلى أن يدرك الشعب العراقي وفقرائه نور الصباح .
13\12\2007
الرفيق بوش والراسماليون الجدد
لقد فعلها السيد بوش قبل انتهاء ولايته . فقد تحول ، فجأة ومن دون سابق انذار ، إلى "الاشتراكي" والرفيق المناضل بوش . ورغم كل التنظيرات عن اقتصاد السوق الحر ، واطروحات الليبراليين القدامى والجدد عن تضبيط الاسواق لنفسها فقد ابتلعوا كل اللعنات التي صبوها على الاشتراكية لما تقوم به من تدخل الدولة في الاقتصاد و"افسادها للطبيعة الانسانية" بذلك التدخل حيث إن الطبيعة الانسانية في عرفهم هي السماح لاقلية من البشر أن تكون ديناصورات مالية مخيفة ، بينما تعيش الاكثرية الساحقة منهم على الكفاف والتهميش أو الموت جوعا ومرضا وجهلا وقتلا .
الغريب أيضا في الامر ، هو تحول اغلب قادة العالم الصناعي الراسمالي المتطور إلى اشتراكيين متحمسين ، من الرفيق ساركوزي إلى الرفيق غوردن براون مرورا بالكثير من القادة الاخرين واخيرا وليس اخرا الرفيق المبجل اوباما . لقد اخذوا يغدقون المليارات تلو المليارات ، من الجنيهات والدولارات ، في دعم واقراض وشراء المؤسسات المالية والصناعية التي لم يضبطها السوق – مع شديد الاسف؟ - وفق المبدأ المقدس للراسمالية الليبرالية من نقود دافعي الضرائب ، وبذلك يحملون الشعب مسؤولية فساد نظرتهم المخالفة للطبيعة لانسانية من أجل عودة الديناصورات المالية للكنز الفاحش من جديد والقاء الكثير من العاملين إلى سوق العاطلين . كما علت أصواتهم بنغمة تضبيط الاسواق من خارجها ، ووضع الخطط وفق أسس جديدة لضبط الاسواق وحركتها ، وهو ما كانوا يأخذونه دوما على الاشتراكية .
الاغرب والاعجب إن دعاة الرأسمالية ونظام السوق الحر عندنا يسبحون عكس التيار . إنهم يسعون بكل ما في وسعهم من جهد وطاقة إلى تهميش دور الدولة ، وجعلها مجرد ( ناطور خظرة ) لا تهش ولا تنش، وقد صاروا ليبراليين أكثر من الليبراليين الجدد – الذين اعترفوا بعورات الاقتصاد الحر – فهم يرفعون الدعم عن كل شيء في صناعاتنا الوطنية ويغرقون السوق العراقية بكل ما هب ودب من نفايات الصناعات الخارجية ويدعمون الاستثمارات الاجنبية ، بأي شكل ، المهم أن تتيح الكثير من العمولات للبعض من ذوي الشأن في صناعة القرار ، محولين إتجاه الاقتصاد إلى اصحاب التوكيلات من الكمبرادور المحلي وطامحين إلى خصخصة كل شيء ، في ظل الضروف الكارثية التي نعيشها من فقر وبطالة وأمراض وتلوث بيئي وفساد سياسي ومالي وإداري والقائمة تطول .
حقا إن عالمنا اليوم عجيب وغريب . ففي الوقت الذي تتراجع فيه الرأسمالية الام ، مرغمة عن ثابتها الاساس ، نرى رأسماليينا الجدد في بلادنا يطبلون ويزمرون للبرلة متطرفة في الاقتصاد فيما يحجبون مزايا الليبرالية في الامور الاخرى إن لم يكن العكس تماما .
خلاصة القول إن هذا هو حال الاقتصاد الحر وفرسانه ففي الوقت الذي تلجأ فيه الرأسمالية الام إلى "الاساليب الاشتراكية" التي تمقتها محملين العالم مسؤولية ازماتها ودفع ثمن انقاذها فإننا نرى رأسماليينا الجدد يلجأون إلى اللبرلة المتطرفة على حساب البلد والمواطن . بذلك لا يمسكون الخيط ولا العصفور بل يزيدون ثرائهم الفاحش فيما يحولون إقتصادنا إلى أقتصاد غرابي – نسبة إلى الغراب – الذي أراد أن يقلد مشية الطاووس فلم يستطع كما إنه لم يتذكر مشيته الاولى فأخذ يقفز ، والخوف كل الخوف إن تكون له قفزة لا تحمد عقباها على البلاد والعباد .
ملاحظة اخيرة .. الطبقة الرأسمالية في العالم المتطور منتجة ومبدعة أما رأسماليتنا الجديدة ، في معظمها ، هي طفيلية وشرهة .
الغريب أيضا في الامر ، هو تحول اغلب قادة العالم الصناعي الراسمالي المتطور إلى اشتراكيين متحمسين ، من الرفيق ساركوزي إلى الرفيق غوردن براون مرورا بالكثير من القادة الاخرين واخيرا وليس اخرا الرفيق المبجل اوباما . لقد اخذوا يغدقون المليارات تلو المليارات ، من الجنيهات والدولارات ، في دعم واقراض وشراء المؤسسات المالية والصناعية التي لم يضبطها السوق – مع شديد الاسف؟ - وفق المبدأ المقدس للراسمالية الليبرالية من نقود دافعي الضرائب ، وبذلك يحملون الشعب مسؤولية فساد نظرتهم المخالفة للطبيعة لانسانية من أجل عودة الديناصورات المالية للكنز الفاحش من جديد والقاء الكثير من العاملين إلى سوق العاطلين . كما علت أصواتهم بنغمة تضبيط الاسواق من خارجها ، ووضع الخطط وفق أسس جديدة لضبط الاسواق وحركتها ، وهو ما كانوا يأخذونه دوما على الاشتراكية .
الاغرب والاعجب إن دعاة الرأسمالية ونظام السوق الحر عندنا يسبحون عكس التيار . إنهم يسعون بكل ما في وسعهم من جهد وطاقة إلى تهميش دور الدولة ، وجعلها مجرد ( ناطور خظرة ) لا تهش ولا تنش، وقد صاروا ليبراليين أكثر من الليبراليين الجدد – الذين اعترفوا بعورات الاقتصاد الحر – فهم يرفعون الدعم عن كل شيء في صناعاتنا الوطنية ويغرقون السوق العراقية بكل ما هب ودب من نفايات الصناعات الخارجية ويدعمون الاستثمارات الاجنبية ، بأي شكل ، المهم أن تتيح الكثير من العمولات للبعض من ذوي الشأن في صناعة القرار ، محولين إتجاه الاقتصاد إلى اصحاب التوكيلات من الكمبرادور المحلي وطامحين إلى خصخصة كل شيء ، في ظل الضروف الكارثية التي نعيشها من فقر وبطالة وأمراض وتلوث بيئي وفساد سياسي ومالي وإداري والقائمة تطول .
حقا إن عالمنا اليوم عجيب وغريب . ففي الوقت الذي تتراجع فيه الرأسمالية الام ، مرغمة عن ثابتها الاساس ، نرى رأسماليينا الجدد في بلادنا يطبلون ويزمرون للبرلة متطرفة في الاقتصاد فيما يحجبون مزايا الليبرالية في الامور الاخرى إن لم يكن العكس تماما .
خلاصة القول إن هذا هو حال الاقتصاد الحر وفرسانه ففي الوقت الذي تلجأ فيه الرأسمالية الام إلى "الاساليب الاشتراكية" التي تمقتها محملين العالم مسؤولية ازماتها ودفع ثمن انقاذها فإننا نرى رأسماليينا الجدد يلجأون إلى اللبرلة المتطرفة على حساب البلد والمواطن . بذلك لا يمسكون الخيط ولا العصفور بل يزيدون ثرائهم الفاحش فيما يحولون إقتصادنا إلى أقتصاد غرابي – نسبة إلى الغراب – الذي أراد أن يقلد مشية الطاووس فلم يستطع كما إنه لم يتذكر مشيته الاولى فأخذ يقفز ، والخوف كل الخوف إن تكون له قفزة لا تحمد عقباها على البلاد والعباد .
ملاحظة اخيرة .. الطبقة الرأسمالية في العالم المتطور منتجة ومبدعة أما رأسماليتنا الجديدة ، في معظمها ، هي طفيلية وشرهة .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)