2014/05/12

حرب / قصة قصيرة


كان سجن الوحدة العسكريةعبارة عن غرفة طينية ضيقة ، وان كانت طويلة نوعا ما ، لتتسع لعدد اكبر من الموقوفين . لقد كنا في حالة الحركات الفعلية ، كما يقال في المصطلح العسكري في حالة الحرب . نظرت من خﻻل الكوة الصغيرة الوحيدة لكي اهرب من نظرات زميلي الوحيد الذي يشاركني السجن ، الرجل البدين بلونه اﻻبيض المشرب بحمرة فائقة تشي بان دماء العالم قد تكدست فيه . ـ ابو ناجح يربع عكال .. كان هذا مطلع قصيدة ساخرة كتبتها لمﻻطفة ( ابو ناجح ) الذي ينحدر من مدينة جنوبية وادعة هي ( السماوة )يشيع فيها ارتداء العقال الصغير الذي كان يتباهى به دائما …
ـ ولبست اليشماغ وعليه الربع عكال وخرجت
تحدث كثيرا وبفخر عن اوﻻده التسعة وأمهاتهم اﻻثنتين .. كنا نقضي ايام السجن المملة بالحديث عن كثير من اﻻمور لتمضية الوقت . تحدث عنهم كثيرا وخصوصا عن ( اخر العنقود ) كما سمى ابنه اﻻخير ، واﻻشياء التي سيشتريها له عندما يخرج من السجن.. كثير من اﻷحﻻم والقرارات .. لن اهرب من الجيش مرة اخرى ،لقد حكم باﻻعدام وبقي فترة طويلة بانتظار تنفيذ الحكم حتى جاء قرار العفو عن الهاربين ، وارسلوا الى وحداتهم اﻻصلية .
ـ لقد اخذوا حمزة الى المحكة للنطق بأعفائه من الحكم ، لماذا لم يأخذوني معه ؟
يا رب ، مالذي اقوله له .. لم افهم حكمة من اصدر قرار العفو مستثنيا احكام اﻻعدام غير نزعته السادية لرؤية الدماء ! أيام وابلغوه باﻻستعداد لترحيله الى المحكمة ، لم يبلغوه انه سيعدم ، فالجميع يعرف ذلك اﻻ هو . لقد كانت اطول ليلة في حياتي واصعبها . كيف ستعيش مع رجل تعرف انه سيموت غدا فيما انت تحاول اقناعه بأنه سيعفى عنه ؟ ! كنت اتلعثم في اﻻجابة على اسئلته
ـ الله كريم .. مو حمزه اخذوه وعفو عنه …
ـ والله انا مو مرتاح .. اعتقد راح يعدموني ..
طلب مني ابراءه الذمة وانا في اشد الحاﻻت سوءا .. ـ شلقضيه خويه وحد الله
في الصباح جلس مبكرا ونشطا وطلب السماح له بان يغتسل .. لقد اكل في ذلك اليوم بشراهة ودعني وانا ارقبه بحزن وبألم وصورة الدماء تتدفق من فتحات الرصاص في جسده تشعرني بالغثيان . قال حارس السجن : انها الحرب يا صديقي … نعم انها الحرب .. تمتمت وانا احاول طرد صورة الدماء المتدفقة من جسد ( ابو ناجح ) بدون جدوى .

ليست هناك تعليقات: