2011/01/11

المقامات السومرية في مناقب الديمقراطية العراقية

المقامة الأولى :- دستور وبرلمان

حدثنا الحكيم هلكان بن تعبان السومري بعد أن انعقدت الجلسة واكتمل النصاب ، وقد حضر من حضر وغاب من غاب . مؤسسا بذلك برلمانا شعبيا ، بعد أن تعسرت ولادة البرلمان الفدرالي، فلا هو ميت ولا هو حي ، وقد داخ الناس في معرفة أعضائه ، فمنهم من قال إن الفائزين هم رؤساء القوائم وبعض الشطار وإن عددهم قليل ، لذا فقد وزعت الأصوات الفائضة بالقرعة على من نال الحظوة بطريقة التصويت السري لتحقيق العدالة ووضع الرجل الراسب في المقعد المناسب، وبذلك فوضنا الزعماء والقادة البارزين حق الاختيار نيابة عن الشعب القاصر الذي صرح وقال (أحنة فاضيين ياعم للعالم دي) على حد تعبير طيب الذكر عادل إمام .

من جهة أخرى ، فقد داخ فقهاء القانون ورجال الصحافة والإعلام ، ورجال السياسة الأعلام ، في فك غموض فقرات الدستور ومن يشكل الوزارة ويكشف المعلوم والمستور ، فلا الدستور أسعفنا ولا المحكمة الاتحادية شفت غليلنا ، على قاعدة يجوز الوجهان وهي من قواعد اللغة العربية العجيبة . وقد ظهر لنا إن الدستور بدعة وتحفة أدبية لا يستطيع فك رموزها إلا الناقد الخبير والأديب النحرير. وقد أظهر النقاد عجبهم من سعة وتنوع وعمق التأويل والترميز فيه . فكان الشيء الوحيد الذي تسالموا عليه أن هذه الوثيقة العظيمة عمل أدبي نادر قد وضعه رجال سبقوا زمانهم ، وإن علينا أن ننتظر أجيال بعد أجيال لنصل إلى مرحلة النضج ونرتقي إلى فهم مغالقه ومغازيه وإلى ذلك الحين فليحل بنا الخراب واليهلك الحرث والنسل ... ليس ذلك بالمهم والاهم إننا قد أضفنا لغزا إلى الغاز المرحوم برنولي التي داخ في حلها وإثباتها علماء المعمورة ثلاثمائة عام إلى أن جاء فتى عراقي أغر ليثبت ويحل لغزا واحدا منها .

واستنادا إلى هذه الحادثة الميمونة نسوق ونزف لكم البشرى وفحواها إننا سنصبر ثلاثمائة سنة حتى يأتينا فتى عراقي يفك لنا الغاز الدستور . فنعرف آنذاك من له دستوريا حق تشكيل الوزارة ، وعندها لا يحق لأي أحدا أن ينادي بالويل والثبور ويهدد الآخرين بعظائم الأمور ، ويرعب الشعب العراقي المثبور . وهنا اقترح الحكيم هلكان تسمية الفتى الأول بالفتى البرنولي والفتى المنتظر بالفتى الدستوري وبذلك نمسك بالمجد من طرفيه ونسجل منقبة للعملية السياسية لم يسبقها إلينا أحد في غابر العصور .

وبعد هذه المقدمة التحليلية طرح الحكيم هلكان على البرلمان الشعبي مشروع قرار للتصويت فحواه :-

"تجميد العملية السياسية في جبال القطب الشمالي لمدة ثلاثمائة عام . لا يجوز إلغاء هذا التجميد وإن ذابت ثلوج القطب بفعل الاحتباس الحراري . يفوض حصريا إلغاء قرار التجميد بالفتى الدستوري المنتظر بعد ثلاثمائة عام بالكمال والتمام"

بعد ذلك جرى التصويت ، فأقر القرار بالإجماع ، وهذا من الطرف النادرة التي حدثت عندنا لثلاث مرات فقط . لقد أجمع البرلمان المنصرف إلى جني حصاد رواتب التقاعد الخرافية والامتيازات الجزافية ، بعد أن حضر بكامل أعضائه لأول مرة ، على سلم رواتب البرلمانيين وامتيازاتهم ملحقا بهم ذوي الامتيازات الخاصة ، مما آثار علينا حسد ونقمة برلمانيو وسياسيو العالم المتقدم والمتأخر ، فدعموا الإرهاب لتدمير العملية السياسية ، وقانا الله شر الحاسدين ، التي أنصفت القادة والزعماء والأزلام فأطعمتهم لبن العصفور ، بينما عانى الشعب من فقر دم البطاقة التمويهية ، ومن العيش في المزابل وعلى حسنات المنظمات الخيرية . وفي المرة الثانية حظروا جميعا وصوتوا بالإجماع على امتيازاتهم في جولة التراخيص الثانية من سيارات مصفحة وجوازات سفر (دب لوماسية) لهم ولأولادهم (ولولد الولد وولد الولد اعز من الولد) على ذمة المثل المصري ، وما خفي كان أعظم .

وإلى هنا أنهى الحكيم هلكان الاجتماع وتقرر عقد الجلسة القادمة بعد ثلاثمائة سنة برئاسة أصغر الأعضاء سنا وهو الفتى الدستوري . وحتى ذلك الحين سننام نومة أهل الكهف (وجر ليل وخذ عتابة) .

ليست هناك تعليقات: