2010/12/12

الحرية: لماذا و كيف

قد يتساءل البعض عن مسببات اختيار (الحرية) عنوانا لمجلتنا من بين العناوين الممكنة , لأناس ذوي توجه يساري , حيث يحمل تراثهم الكثير من العناوين التي عبرت عن مراحل مهمة من الكفاح العنيد و البطولي المضمخ بعطر التضحيات و عرق الكادحين . وقد يتساءل البعض عن مغزى اختيار عنوان ‘‘ملتبس’’ رفعت رايته الكثير من القوى المعادية للحرية , كالإمبريالية الرأسمالية عبر مراحلها المختلفة و الكثير من الحركات الفاشية والظلامية و الفردانية الرومانسية وغير ذلك , مشهرة هذا المسمى سلاحا أيدلوجيا مخادعا بوجه حركات التغيير الاجتماعي و الفكري المعترضة على فوضى العالم المتوحشة المنتجة للاستبداد و الإخضاع والهيمنة – على اختلاف مسوغاتها و إدعاءاتها – وانعدام العدالة الاجتماعية و اللامساواة والحط من الكرامة الإنسانية و قد يتخذ البعض موقفا ‘‘محايدا’’ من العنوان في ظل الخراب الفكري و انتحار المضامين و انفصالها عن أشكالها في ظل المحاولات الحثيثة لاستمرار و إدامة حالة ( اللا معنى ) التي تسير بالإنسانية سيرا حثيثا إلى الخراب الشامل وقد تؤدي – إذا ما تغيبت مقومات نقضها – إلى إنهاء الحياة برمتها على ألأرض .
إذا ما قرأنا الحرية بمعنى إدراك وفهم ونقض مسببات الضرورة و ديناميات عملها , و بأشكالها المختلفة , باعتبارها عائقا أمام الإنسانية الساعية إلى و لوج فضاء الحرية , و بغير هذه القراءة فان إعادة إنتاج حالات الاستلاب المختلفة بشكل دوري متعدد الوجوه و الألوان سيظل قائما , لذا فإن هذا الاختيار للعنوان هو الرد الجوهري على حالة الفوضى هذه , والأداة التي توفر لنا البحث عن ما وراء ‘‘ مفاهيم اللامعنى ’’ وفضحها و ردها إلى جوهرها الحقيقي المتمثل في انسداد آفاق النظام الرأسمالي وتهالكه وما ينتج في ظله من مخلوقات مرعبة قد استولت على الإنسانية واستعبدتها , وبالتالي إعادة التصالح و الانسجام و " التماثل " بين المضامين وأشكالها ومن اجل إعادة المعنى للإنسانية وإنهاء الارتهانات المدمرة لها .
الحرية هي بحث في النقيض التاريخي وليس بحثا في البدائل فلا يمكن لها أن تنمو إلا بموقف جدلي نقدي اتجاه البدائل بما في ذلك البدائل اليسارية التاريخية حيث لايمكن إيقاف الصيرورة المتجددة بالوقوف عند حدود التاريخ .
البحث في النقيض التاريخي هو بحث ما بعد رأسمالي , اشتراكي , وليس بالضرورة بمعنى الاشتراكية التاريخية التي كانت قائمة - باعتبارها بديلا من البدائل - بل يمكن له احتواء مضمون الحرية في جوهره أو بالأحرى إعادة إنتاجه والعودة إلى الملامح الرئيسية في منطلقاته بعد أن "شوهت" التجارب التاريخية هذه الملامح مع قراءة لما استجد ويستجد .
أن الرد على الخراب والدمار الذي يشهده بلدنا يكمن في ضرورة انبناء هذه المفاهيم في منظومة متكاملة لفاعلين تاريخيين , غائبين أو مغيبين الآن , للخروج من المأزق وبحسب رؤيتنا فانه احد الشروط الرئيسية الضرورية لذالك .
مجلة الحرية لا تدعي امتلاكها لجميع مفاتيح هذه المهمة الكبرى ولكنها قد تزعم أنها تفتح كوة من الضوء في قلب الظلام الحالك ... لكل ذلك كان هذا الاختيار .

ليست هناك تعليقات: